الثقافةمقالات واراء

قصر السكاكيني باشا

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم المهندس/ طارق بدراوى

يعد قصر السكاكيني من أقدم القصور التي تم بناؤها في مصر حيث تم بناؤه عام 1897م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني علي يد حبيب باشا السكاكيني في منطقة الظاهر بشرق القاهرة وقد استعان مالك القصر حبيب باشا السكاكيني بمجموعة من المهندسين المعماريين الإيطاليين قام باستدعائهم خصيصا للمشاركة في بناء قصره والذى تتداخل فيه الطرز المعمارية المختلفة من حول العالم ويعتبر نموذج للفن المعروف بإسم الروكوكو وقد سميت المنطقة التي تم تشييد القصر بها بإسم صاحب القصر وأصبحت تسمي بحي السكاكيني
وحبيب باشا السكاكيني مالك هذا القصر من مواليد دمشق العاصمة السورية عام 1841م وجاء إلى مصر وهو في سن مابين 16 سنة و17 سنة ليشغل وظيفة في شركة قناة السويس بمدينة بورسعيد الوليدة في هذه الفترة ومكث بها لمدة حوالي 4 سنوات وكان أجره الشهرى يتراوح بين 3 و 4 فرنكات فرنسية شهريا وبعدها قرر التحرك إلى القاهرة من أجل الرزق وليس لأسباب صحية كما أشيع وكان ذلك تقريبا مابين عام 1862م وعام 1863م وهو العام الذى تولى في بدايته الخديوى إسماعيل حكم مصر وجذب هذا الشاب السورى انتباه الخديوى إسماعيل لما نجح في تصدير عدة طرود من القطط الجائعة علي ظهور الجمال إلي الأماكن التي كانت تنتشر فيها الفئران في منطقة مسار حفر قناة السويس وبذلك تم حل مشكلة هذا الوباء من القوارض الضارة وأدرك الخدروى إسماعيل مدى قدرات هذا الشاب السورى علي العمل السريع وإيجاد الحلول للمشاكل المستعصية في أسرع وقت فقام بتكليفه بالعمل في إستكمال بناء دار الأوبرا الخديوية وأصبح يعمل تحت يد المهندس المعمارى الإيطالي بيترو أفوسكاني فقام بتنظيم العمل علي أساس 3 ورديات في اليوم كل وردية 8 ساعات وبذلك يستمر العمل ليلا ونهارا ولمدة 3 شهور المتبقية علي حفل الافتتاح المتزامن مع احتفالات إفتتاح قناة السويس للملاحة في شهر نوفمبر عام 1869م ونم إنتهاء الأعمال المتبقية في دار الأوبرا في الوقت المناسب وتم إعداد دار الأوبرا لتكون في إستقبال ضيوف مصر من الأباطرة والملوك والأمراء الذين دعاهم الخديوى إسماعيل لحضور الحفل الأسطورة الذى أقامه بمناسبة إفتتاح قناة السويس وبعد ذلك الإنجاز أصبح هذا الشاب السورى من المقاولين الأثرياء وأغدق عليه الخديوى وعهد إليه بالأعمال الكبيرة التي حقق منها ثروة طائلة وحصل على رتبة البكوية في تلك الفترة وبعدها بسنوات حصل علي رتبة البشوية
وقد تم بناء القصر علي الطراز الإيطالي حيث بنته شركة إيطالية متخصصة كلفها السكاكيني باشا بإنجاز هذا العمل الضخم على أن يكون نسخة من أحد القصور التي شاهدها في إيطاليا وأعجب به ووقع في غرامه وقد إختار لقصره موقعا متميزا فريدا تلتقي عنده عدد 8 شوارع رئيسية وبالتالي أصبح نقطة مركزية بالمنطقة وكان من الصعوبة الحصول على موقع بهذا التميز إلا أن علاقة صاحب القصر بالحكام سهلت هذا الموضوع وقد بني القصر علي مساحة 2700 متر مربع تقريبا ويضم أكثر من 50 غرفة ويبلغ ارتفاعه 5 طوابق ويحتوى على أكثر من 400 نافذة وباب وحوالي 300 تمثال منها تمثال نصفى لحبيب باشا السكاكيني يوجد أعلى المدخل الرئيسي للقصر إلى جانب تمثال لفتاة يسمى تمثال درة التاج نجده يتكرر في أماكن كثيرة من القصر ومعظم هذه التماثيل من الرخام ويحيط بالقصر حديقة مساحتها صغيرة فصلته إلى حد ما عما حوله من مباني وفي الجزء الخلفي منها توجد نافورة أمامها تمثالان لأسدين من الجرانيت الأبيض كما يميز القصر القباب المخروطية التي تغطي الأبراج الأربعة المتواجدة بكل ركن من أركانه غير القبة الكبرى التي تغطي وسط الدور العلوى من القصر وبالطابق الأرضي من القصر صالة رئيسية أرضيتها من الرخام الإيطالي الفاخر مساحتها 6 في 10 متر بها 6 أبواب تؤدى إلى قاعات القصر المختلفة وهي قاعات الإستقبال والاحتفالات الرسمية والطعام وحوائط القاعات عليها براويز مرسومة بيد رسامين وفنانين ايطاليين والأسقف مزينة بالزخارف الزيتية أما الأدوار العلوية فهي عبارة عن حجرات النوم والمعيشة وخدماتها لأفراد أسرة السكاكيني باشا وبالقصر أيضا بدروم ينخفض عن سطح الأرض بحوالي متر واحد وبه 3 قاعات متسعة وعدد 4 صالات ودورات مياه وغرفتان وكان مخصصا للخدم والمطابخ
وقد توفي السكاكيني باشا عام 1923م في عهد الملك فؤاد وقام الورثة بالتبرع بالقصر إلي وزارة الصحة حيث كان أحدهم طبيبا وتم إستخدامه لفترة كمتحف للتثقيف الصحي ثم تم نقل المعروضات إلى مكان آخر إلى أن جاء عام 1987م حيث تم تسجيل القصر كأثر في هيئة الآثار المصرية والقصر الآن مفتوح للزوار ويفد إليه الكثير من طلبة كليات الفنون الجميلة والتطبيقية حيث يتجولون داخله لدراسة التماثيل والزخارف التي تملأ القصر وللأسف فإن حالة القصر الحالية لاتسر عدو او حبيب ويشكو القصر الفخم المنيف من الإهمال الشديد شأنه شأن العديد من القصور الأثرية الهامة التي لامثيل لها في العالم كله مثل قصر الزعفران بالعباسية والذى تشغله إدارة جامعة عين شمس وقصر الأمير يوسف كمال بالمطرية وغيرهما

Related Articles

Back to top button